مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم

 

Sultanate of Oman
Diwan of Royal Court
Sultan Qaboos Higher Centre for Culture and Science


ثالثاً: الهجرة

من أجل العمل أو ممارسة النشاط التجاري أو لغيرها من الأسباب، من أهم أشكال التعايش بين الحضارات والثقافات المختلفة. وقد كان لأهل عمان من ذلك نصيباً وافراً، فلطالما مخرت سفنهم عُباب المحيط الهندي وبحر العرب والخليج العربي، ولم يكتفوا بذلك بل وصلوا إلى شواطئ الولايات المتحدة الأمريكية، لتكون سلطنة عمان بذلك من أوائل الدول العربية التي تُوَطد أواصر علاقة دبلوماسية مع العالم الجديد وذلك في العام 1840م. كما مَثَلت سلطنة عمان على مدى الحقبات التاريخية منطقة جذب للكثير من الشعوب والأعراق الذين لم يلبثوا أن اندمجوا في المجتمع وأصبحوا جزءًا لا يتجزأ من نسيجه الاجتماعي ولحمته الوطنية. ومنذ الأيام الأولى لنهضة عمان الحديثة في العام 1970م، وضمن حركة البناء والتطوير المتسارع، أُتيحت فرص العمل والاستثمار الحر بكل مستوياتها وأشكالها وتخصصاتها لغير العمانيين الذين شاركوا أبناء الوطن في جهود البناء والتنمية . وفيما يأتي أهم ما قامت به سلطنة عمان من جهود داعمة لأهداف مبادرة تحالف الحضارات في مجال الهجرة:

تنظيم أوضاع غير العُمانيين بسلطنة عُمان

نظمت حكومة سلطنة عمان أوضاع الأفراد غير العُمانيين بها (سواءً العاملين أو الزائرين) وذلك من خلال سَن قوانين الهجرة والإقامة والعمل ومكافحة الاتجار بالبشر وغيرها من القوانين الأخرى، وذلك وفق ما يأتي:

    نَظمَ قانون العمل رقم (35) لسنة 2003 والتعديلات التي طرأت عليه، حقوق العُمال الوافدين، حيث اشتمل على القواعد المُنَظمة لعمل الوافدين، من حيث شروط الاستقدام، وواجبات العامل، والحقوق المترتبة على توظيفه من رواتب وملحقاتها، وتوفير متطلبات الأمن الصناعي من رعاية صحية وغيرها، وتحديد مواصفات السكن المناسب، والجزاءات التي يُمْكن توقيعها على العامل والضمانات التي يجب أن يحاط بها قبل وأثناء وبعد توقيع الجزاء.

    جَرّم قانون مكافحة الاتجار بالبشر الصادر بالمرسوم رقم (126) لسنة 2008م، كافة أشكال الاستغلال غير المشروع للأشخاص، سواءً الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو السخرة أو العمل قسراً، أو الاسترقاق، أو الممارسة الشبيهة بالرق، أو الاستعباد، أو النزع غير المشروع للأعضاء. وحدّد العقوبات في حالة إثبات أية مخالفات من تلك المذكورة، كما تمّ تشكيل لجنة وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر تعنى بوضع الضوابط والإجراءات التي تكفل مكافحة جريمة الاتجار بالبشر.

    نَظَم قانون إقامة الأجانب الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ( 16) للعام 1995م، أحكام دخول الأجانب وإقامتهم في السلطنة. وبناءً عليه يتمتّع الأجنبي بذات التسهيلات الخاصة بالمواطن عند استخراج بطاقة الإقامة والتي تُعَد أيضاً بمثابة محفظة مالية لانجاز المعاملات داخل السلطنة. كما تمّ توفير وحدة متنقلة لإصدار البطاقات لمن يقيمون في أماكن بعيدة عن مراكز الأحوال المدنية، إضافةً إلى إصدار شهادات الميلاد والوفاة التي تحدث لهم داخل السلطنة وفق إجراءات مُبَسطة.

  • إنشاء لجنة وطنية لحقوق الإنسان

تمّ إنشاء لجنة وطنية لحقوق الإنسان تتبع مجلس الدولة، لها شخصية إعتبارية وتتمتع بالاستقلاليّة في ممارسة مهامها وذلك بموجب المرسوم السلطاني 124 لعام 2008م. وقد تمّ تعيين أعضاء اللجنة بموجب المرسوم السلطاني رقم (10) لعام 2010م. ومن أهم اختصاصاتها متابعة موضوعات حماية حقوق الإنسان وحرياته في السلطنة والتحقق من مدى اتساقها مع مضمون مبادئ وأحكام النظام الأساسي للدولة والقوانين بالإضافة إلى المواثيق والاتفاقات الدولية ذات الصلة والتي التزمت الدولة بها. ولها في سبيل ذلك رصد ما قد تثيره المنظمات الدولية والحكومات الأجنبية من ملاحظات في مجال حقوق الإنسان في السلطنة ومتابعة تلك التعليقات أو الملاحظات عبر التواصل مع الجهات التي أثيرت الملاحظات بشأنها بغرض التأكد من صدق تلك الملاحظات أو عدمه. في الحالة الأولى تعمل على تلافي تلك الملاحظات وما يستتبع ذلك من آثار، وفي الحالة الثانية يتمّ الرد على مثيري تلك الملاحظات غير الموثقة والتي غالباً ما تكون مبنية على غير أساس، خاصةً في ظل الاستناد إلى مجرد بلاغات لا على نتيجة التحقيق فيها. وفي المقابل، تتحمّل اللجنة عبء الاضطلاع بتقديم ما يُطلب منها من استشارات خاصة بمجال حقوق الإنسان وحرياته، وذلك دعماً منها للجهات التي ترغب في ذلك أو تلك التي تساهم في إصدار تقارير يتعلق جانبًا منها بموضوعات حقوق الإنسان وحرياته.

  • تشجيع وحماية الاستثمار الأجنبي

تعمل حكومة سلطنة عمان على خلق بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي في أراضيها، تتوفر فيها كافة المزايا والحوافز التشجيعية وفي مقدمتها توفير الحماية لهذه الاستثمارات وتوفير الطمأنينة للمستثمر على أمواله، إضافةً إلى سهولة وسرعة الحصول على الرخص التجارية والإعفاءات الجمركية والضريبية والتوسع في زيادة رأس المال وتخصيص الأراضي سواء أكان ذلك بنظام الإيجار أو بنظام حق الانتفاع وفق ما نص عليه قانون استثمار رأس المال الأجنبي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ( 102 ) لسنة 1994م. كما سمح المرسوم السلطاني رقم (76/2010م) بإجراء تعديلات على بعض الأنظمة الخاصة بتملّك الأجانب للأراضي لأغراض تطوير العقارات في السلطنة وذلك وفقاً للضوابط المحددة بالمرسوم. كما توفر اتفاقيات التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات الموقعة بين السلطنة والعديد من دول العالم الحماية للاستثمارات ضد المخاطر غير التجارية، أي الحماية ضد التأميم ونزع الملكية وضد التعسف من القوانين الداخلية فيما يتعلق بحرية حركة رأس المال وغيرها. كما تضمن الاتفاقيات حماية حقوق المستثمرين مهما تغيرت القوانين المحلية.

  • التسهيلات المصرفية للوافدين والمقيمين

تقدم البنوك العُمانية تسهيلات مصرفية عديدة للعاملين غير العُمانيين في السلطنة وكذلك المقيمين فيها مثل تسهيلات فتح حسابات مصرفية خارجية لغرض إدارة كل معاملاتهم المصرفية بعملات بلدانهم. كما أن المبلغ الأصلي والفائدة المستحقة على الأرصدة بهذا الحساب يمكن تحويلها إلى الخارج بكل حرية. إضافةً إلى ذلك، يمكن لغير العمانيين ــ العاملين والمقيمين والزائرين ــ الاحتفاظ بأموالهم كودائع بالعملة الأجنبية التي يختارونها دون أن تخضع هذه الودائع لأي ضريبة في بلدهم ويمكنهم تحويلها إلى بلدانهم بكل حرية. كما تحتوي بعض البنوك على قسم خاص لتقديم الخدمات المصرفية للجاليات الأجنبية والتي تقوم بتقديم المشورة للعملاء الأجانب حول عملية استثمار أموالهم في صناديق الاستثمار في بلدانهم إضافةً إلى تقديم قروض سكنيّة لبعض الجاليات لاقتناء عقارات سكنية في بلدانهم بدون أي تعقيدات.

  • حرية العبادة

يتمتّع غير المسلمين بحرية العبادة التي يكفلها الدين الإسلامي وكذلك النظام الأساسي للدولة. في الواقع، يمكن للجاليات المقيمة بسلطنة عمان بمختلف دياناتها ومعتقداتها ممارسة شعائرها الدينيّة حيث توجد دور عبادة خاصة مختلفة لغير المسلمين كالكنائس والمعابد وكذلك لهم مدافنهم الخاصة. ويمثل هذا الوجود للديانات الأخرى والقبول الاجتماعي لها، لا بل والتعايش معها، مؤشراً على تأثير الرؤية القرآنية الناصعة التي تؤمن بتعايش الأديان والثقافات والشعوب.

  • تنظيم وتسهيل إنشاء الأندية الاجتماعية للمقيمين بالسلطنة

يتمّ إشهار الأندية الاجتماعية للمقيمين بالسلطنة من الدول الشقيقة والصديقة، وفق قانون الجمعيات الأهلية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (14/ 2000) وتعديلاته. و تقوم هذه الأندية بتنفيذ نشاطاتها وفعالياتها المختلفة، وتُظهَر من خلالها عادات تلك الدول وتقاليدها وفنونها، الأمر الذي يؤدي إلى تفاهم ثقافاتها وامتزاجها وتفاعلها الحضاري. كما يتيح هذا القانون أيضاً للمقيمين العضوية في الجمعيات الأهلية الأخرى العمانية وغير العمانية.

  • تسهيل إنشاء مدارس ودور حضانة للمقيمين بالسلطنة والوافدين من الدول الشقيقة والصديقة

تحرص سلطنة عمان على حماية خصوصية المقيمين بها بفتح مدارس دولية يتمّ فيها تدريس المناهج والمقررات الدراسية في دولهم والتي تتناسب وثقافة شعوبهم. كما تدعم تيسير إنشاء دور حضانة للمقيمين من الدول الشقيقة والصديقة بهدف تحقيق النمو المتكامل للطفل بغض النظر عن جنسيته باعتبار ذلك ضمن قيم السلطنة الإنسانية والتزاماتها الدولية.

  • المشاركة في احتفالات ومناسبات للمقيمين في السلطنة

تحرص العديد من المؤسسات الحكومية والأهلية على المشاركة في احتفالات سفارات الدول الشقيقة والصديقة في مناسباتها الوطنية، الأمر الذي يُعزز التبادل الثقافي والحضاري والتحالف الحضاري بين شعوب العالم. كما تسمح للمدارس الدولية بتنفيذ الاحتفالات والمناسبات الوطنية للطلاب الدارسين بها.